منذ عدة أسابيع تكاثر الحديث عن انتقال الحرب إلى المرحلة الثانية، وعشية وغداة زيارة سوليفان بدأ يتضح بشكل أكبر ما المقصود بذلك.
المقصود هو أن تكف القوات الإسرائيلية عن المجازر الجماعية والقوة العمياء التي لا تفرق بين البشر والحجر وتستهدف المنازل والمدارس والمؤسسات المدنية والدينية والصحية والدولية والبنية التحتية بما يشمل مصادر المياه والطاقة، وحولت مناطق واسعة غير قابلة للحياة، وتقوم بدلا من ذلك وفق النصائح الأمريكية بقتل مستهدف ومجازر إقل، والتركيز على اغتيال قيادات المقاومة السياسية والعسكرية، وأن يتخلل الحرب هدن قصيرة تساعد على استئنافها، وتقلل المعارضة العالمية للحرب وتمنع من تحولها إلى معارضة لا يمكن تفادي مطالبها بوقف الحرب كما يتضح من تصويت ١٥٣ دولة في الجمعية العامة لصالح وقف الحرب وعزلة الولايات المتحدة حين وقفت وحدها حين استخدمت الفيتو لمنع صدور قرار في مجلس الأمن.
الشكل الجديد للحرب الذي تدعو إليه إدارة بايدن بدون إملاء على حكومة الحرب في تل أبيب ولا تستجيب له بدليل أن واشنطن تريد أن تبدأ المرحلة الجديدة بعد عدة أسابيع بينما غالانت وزير الحرب يقول انها بحاجة إلى أكثر من عدة أشهر.
ومن معالمها إعادة انتشار القوات التي احتلت مواقع في قطاع غزة على أن تبقى في مواقع يتم تحصينها، وممارسة عمليات توغل وغارات واغتيالات واعتقالات لمدة قد تطول عام وإكثر، على غرار ما يجري في الضفة وخصوصا في جنين.
الانتقال إلى مرحلة جديدة بدون تحقيق أهداف الحرب أو التقدم الملموس على طريق تحقيقها يشكل اعتراف بالفشل بتحقيق أهداف الحرب، ولو بشكل غير مباشر، مع استمرار العمل على تحقيقها عبر إبقاء الوضع المأساوي غير الإنساني ومنع الإعمار واستمرار القتل، بحيث لن يتمكن المهجرين الذين يعانون من الجوع والمرض وعدم الأمان من العودة إلى بيوتهم، ولا تصل المساعدات الإنسانية والطبية الكافية لهم، لكي يشكل هذا الوضع ضاغطا على المقاومة وحتى يبقى باب التهجير القسري والطوعي مفتوحا.
تأسيسا على ما سبق فإن المرحلة الثانية لا تقل خطورة عن الأولى.
الرد المتوقع استمرار الصمود والمقاومة وايقاع المزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية وغيرهما، واستمرار تسخين الجبهات الأخرى المساندة، واستمرار وتصاعد الانتفاضة الشعبية العالمية، وامتدادها للدول العربية، لأن التحرك الشعبي العربي أقل من الممكن والمطلوب بكثير وبدونه وبلا تصاعده بقوة لن تتحرك الدول العربية لإتخاذ إجراءات قادرة على إجبار واشنطن تضغط على إسرائيل لوقف الحرب.
الخلافات الأمريكية الإسرائيلية خلافات داخل المعسكر الواحد، وكما قال سوليفان خلافات بين أصدقاء ولا تحل من خلال الإملاء وإنما عبر الحوار، و في سياق المساهمة لتحقيق أهداف الحرب المتفق عليها.